محاربته التلاعب بأحكام الدين :
رأى ابن القيم أنواعاً من التلاعب بأحكام الدين باسم الحيل التي تحلل الحرام وتسقط الحق ،فالحقوق يحتال على إسقاطها ، فالرجل يسقط حق الفقراء في ماله بأن يهبه قبل تمام الحول حتى لا يخرج زكاة ماله ، فلم يرض ابن القيم عن هذا التلاعب وحاربه بكل ما أوتي من قوة مبيناً خطورته ومورداً الأدلة الدالة على بطلانه .
دعوته إلى تفهّم مقصود الدين ومراعاته :
من الأهداف التي سعى إليها ابن القيم لتحقيقها أيضاً : الدعوة إلى تفهّم مقصود الدين ، وعدم الوقوف عند الصور والجمود على الألفاظ .
منهج ابن القيم :
اتخذ ابن القيم طريقة في البحث تخالف ما درج عليه الفقهاء من قبله ، فهم يعرضون المسألة ثم يؤيدونها بالدليل ، أما هو فقد اتخذ النصوص أساساً لبحثه ثم يأخذ في الإستنباط منها ، وهذا المنهج أسلم من مناهج مخالفيه لإعتماده على النصوص وأخذ الأحكام منها ، وكان لا يغمص السابقين حقهم بل كان يعرض آراءهم ويختار منها ما يراه مؤيداً بالدليل ، وكان في طريقته للبحث يعرض الأدلة على ما يراه ثم يعرض أدلة المخالفين ويفنّدها ، وكان يسوق الآية ثم يلحقها بما يبيّنها من أحاديث مع عدم تعصبه لمذهب معيّن حتى أننا نستطيع ان نقول أنه مجتهد وليس مقلد ، وكان حريصاً على تحقيق الهدف الذي دعا إليه أميناً في تطبيق منهجه في البحث .
منزلة السنّة من القرآن عند ابن القيم :
رأى ابن القيم ان السنة مكملة للقرآن الكريم ، ووافق الإمام ابن حنبل والإمام الشافعيّ في رأيهما ، وقال السنة مع القرآن على ثلاثة أوجه :
أحدهما ان تكون موافقه له في كل وجه ، فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتضافرها .
الثاني أن تكون بياناً لما أريد بالقرآن الكريم وتفسيراً له .
الثالث أن تكون موجبة لحكم سكت القرآن الكريم عن إيجابه ، أو محرمة لما سكت عن تحريمه ، ولا تخرج عن هذه الأقسام ، فلا تعارض القرآن بوجه عام ، فما كان زائداً عن القرآن الكريم ، فهو تشريع مبتدأ من النبي صلى الله عليه وسلم تجب طاعته فيه .
ولا يجوز رد واحدة من هذه الأوجه الثلاثة ، وليس للسنة مع كتاب الله منزلة رابعة .
موافقته للصحابة في الأحكام الفقهية وتفسير القرآن الكريم :
لم يقتصر ابن القيم في الأخذ بأقوال الصحابة وفتاويهم في الأحكام الفقهية ، بل كان يعتقد بآرائهم في تفسير القرآن الكريم .
نصره لمذهب أهل السنة في باب الأسماء والصفات :
تحمّس ابن القيم لمذهب السنة مثل شيخه ابن تيمية ، وهاجم الجبرية والمعتزلة والأشاعرة ولم يرتضي ما ذهبوا إليه ، كما هاجم غيرهم من أصحاب الآراء المنحرفة .
التصوّف في نظر ابن القيم :
يرى ابن القيم أن التصوف في أصل تسميته أمر محدث ، وأن الحق هو العمل بالسنة واتباع ما أنزل الله تعالى على رسوله ، وهذا ما كان يعتقده أهل التصوف المتقدمين حيث ينسب ابن القيم إلى ابراهيم بن محمد قوله : أصل هذا المذهب ملازمة الكتاب والسنة ، وترك الأهواء والبدع والتمسك بالأئمة والإقتداء بالسلف وترك ما أحدثه الآخرون .
ونلاحظ أن ابن القيم تبعا لشيخه ابن تيمية يتساهل في طريقة المتقدمين ، كسهل ابن عبد الله التستري ، وأبي طالب المكي ، وأبي عثمان النيسابوري وبعض أقوال القشيريممن لم يُفحش قولهم ولم يُعرف عنهم بدعة منكرة أو ضلالة في هذا الباب .
مؤلفاته :
اتسم ابن القيم بسعة الأفق ومعارفه المتعددة وثقافته المتعمقة ، وقد ترك لنا مصنفات عديدة في الفقه والأصول والتصوف والسيرة النبوية والتاريخ وغيرذلك من المؤلفات التي تبين لنا خبرته الواسعة وإلمامه بكثير من العلوم . ومن أهم مؤلفاته :
1- تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته .
2- شفاء العليل في القضاء والقدر .
3- شرح أسماء الكتاب العزيز .
4- بدائع الفوائد .
5- حكم تارك الصلاة .
6- الفرق بين الخلة والمحبة .
7- الفتح القدسي .
8 - الروح .
9 - تفسير الفاتحة .
10 – تفسير أسماء القرآن .
11- زاد المعاد في هَدْي خير العباد .
12- الطب النبوي .
وغير ذلك من المؤلفات المفيدة..
وفاته :
توفي رحمه الله ليلة الخميس الثالث عشر من شهر رجب سنة 751 هجرية 1350 ميلادية عن ستين سنة ، ودُفن بمقبرة الباب الصغير .
رحمه الله تعالى رحمة واسعة وألحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، ونفعنا والمسلمين بعلمه .
من كتاب الطب النبوي بقلم طه عبد الرؤف سعد .